دراسات واكتشافات عالم الآثار هملوت بوشهاوزن
ان عمليات التنقيب فى منطقة أبو فانا بواسطة عالم الآثار هملوت بوشهاوزن وجماعته المتخصصة فى الآثار فمنهم الرسام ومنهم المتخصص فى ترميم الزخارف ومنهم عالم الأشعة ، سوف تكون لها أبلغ
الأثر فى الأوساط العلمية العالمية خاصة تلك الاٍكتشافات الحديثة التى ظهرت من تحت سطح الأرض بعد ازالة أكوام الرمال التى كانت تخفيها فى باطنها تلك السنوات الطويلة ، كما أنها ستلقى ضوءاًعلى الحياة الرهبانية فى الصعيد ، وقد كانت فى نشأتها مما يضفى أهمية بالغة على تلك الدراسات وأعمال التنقيب فى المنطقة وأيضاً يثرى الكنيسة القبطية بمعلومات عن حياة جماعة أبو فانا الرهبانية والتى لم نكن نعلم عنها حتى وقت قريب مضى سوى شذرات ضئيلة ومتفرقة ، ويمكن تلخيص الابحاث التى قام بها بوشهاوزن وقام بنشرها فى الأوساط العلمية العالمية للآثار فيما يلى:
الأثر فى الأوساط العلمية العالمية خاصة تلك الاٍكتشافات الحديثة التى ظهرت من تحت سطح الأرض بعد ازالة أكوام الرمال التى كانت تخفيها فى باطنها تلك السنوات الطويلة ، كما أنها ستلقى ضوءاًعلى الحياة الرهبانية فى الصعيد ، وقد كانت فى نشأتها مما يضفى أهمية بالغة على تلك الدراسات وأعمال التنقيب فى المنطقة وأيضاً يثرى الكنيسة القبطية بمعلومات عن حياة جماعة أبو فانا الرهبانية والتى لم نكن نعلم عنها حتى وقت قريب مضى سوى شذرات ضئيلة ومتفرقة ، ويمكن تلخيص الابحاث التى قام بها بوشهاوزن وقام بنشرها فى الأوساط العلمية العالمية للآثار فيما يلى:
أولاً - موقع الدير:
يقع دير أبوفانا على بعد حوالى 30كم جنوبى عاصمة مصر الوسطى أى المنيا ، وحوالى 30كم شمالى المدينة الصغيرة ملوي ، على نفس خط عرض دير سانت كاترين فى سيناء ، والدير يقترب موقعه من الجانب الشرقى للصحراء الليبية وبالقرب من قرية بنى خالد ، وعلى نفس ارتفاع الموقعين هور وجبل هور. وبكل يقين كان الدير فى يوم ما واقعاً مباشرة عند حافة الصحراء ولكنه نتيجة للظروف والتغيرات الجوية فان الصحراء قد زحفت قليلاً والى الشرق فى اتجاه النيل.
ثانياً - تاريخ الدير
لاشك أن هذا الدير يعتبر أحد أقدم الأديرة فى مصر ، ويرجح أنه تم تشييده فى نفس الوقت مع دير الأنبا باخوميوس ( أب الشركة ) ، ولكنه لا يتبع نفس قواعده ، ويظن أنه كان موجوداً فى وحدة الدير حول الكنيسة على الهضبة حتى القرن الرابع عشر . وآنذاك يروى المقريزى أنه كان يعيش هناك 1000 راهب ولكنه فى وقته هو كانوا فقط راهبين ، فوحدة الدير المكتشف حديثاً عند قدم الهضبة لا نعتقد أنها عاصرت الآثار المتأخرة بل من المحتمل أن تكون انتهت فى القرن الخامس ، وعملية الانتهاء (الاندثار) لم يتسبب فيها استيلاء العرب على الدولة ولا حتى الأوبئة بل كانت نتيجة لسوء الأحوال مما أدى اٍلى أن الصحراء قد زحفت بعض مئات الأمتار ناحية الشرق . والرهبان الذين انخفض عددهم بالتأكيد لم يستطيعوا الآن مقاومة الرمال التى تهب عليهم ، ووجدوا أنفسهم مجبرين على ترك حجرة تلو الأخرى . والصومعة الثالثة - التى أثبت وجودها ثانية - وهى ذات أكثر من فناء خلفى غالباً تستخدم لممارسة الأعمال اليدوية (الحرف) تم الكشف عنها مع الموجودات كاملة والرسومات على الحائط . فهى تحتوى على مدخل فى الشمال ، أى أنها تدل على أن مناخاً مختلفاً كان سائداً فى زمن البناء حيث أن الرمال تهب الآن من الشمال . الغوص البطىء للدير فى الرمال مع مداخل جديدة للحجرات ، سلالم مضافة تؤدى للسطح من أجل الوصول للخارج يمكن استنتاجه بدقة . والممر الذى على جانب صالة البئر كان مملوء بالرمال من قبل ، عندما كانوا يمرون فيه للوصول من مطبخ السكر والخبز الى صالة البئر فى احتفالات الأغابى ، وحتى يتم حماية صالة البئر من الانهيار تم تقسيم الممر عن طريق جدران عرضية تؤدى وظيفة الأعمدة وقد تم العثور على نقوش (كتابات) قبطية من الآثار القديمة ، أى أن الجدران متشابهة الأعمدة ترجع اٍلى العصور القديمة . قد تم اخلاء كل الدير تقريباً فى العصر القديم فجميع الأجزاء الخزفية والفخارية يرجع تاريخها الى ما قبل القرن السابع.
وأخر حجرة تم اخلائها هى كنيسة مدفن الرهبان حيث تم تجميع كل أدوات العبادة الثمينة . فالرسومات على عكس جميع الرسومات الباقية وقد تم تقوية القباب بواسطة دعامات خشبية الى أن انكسرت هى نتيجة لضغط الرمال وليس نتيجة للتخريب بالقوة . والوحدة بأكملها تشهد لكفاح المصير المؤلم الذى قام به الرهبان.
اندثر الدير غالباً نتيجة لسوء الأحوال الجوية ، فوجود طبقات من الرمال المتراكمة فى حجرات عديدة يشير الى أنه لم يكن فى الاستطاعة السيطرة على الرمال وأنه تم تشييد أسوار جديدة فوق الرمال . وعلى هذه الأسوار توجد كتابات قبطية تدل على الصراع اليائس مع الرمال.
وما تركه الرهبان فى أبو فانا وجميع الوحدات التى تم الكشف عنها وهى تدل على مدى انتشار الدير والكنيسة التى على الهضبة وتطلعات غير متوقعة فى مجال الرهبنة للأقباط الأولين الذين يستحقون مجد ابتكار الرهبنة ، تلك الرهبنة التى كان لها بعد ذلك نتائج بعيدة المدى فى الغرب ولكن قد وصلت من قبل الى درجات عظيمة فى العصور القديمة بحيث أن الأخبار التى لا تصدق عن الأديرة المصرية تظهر لنا فى التنقيب ـ والتى تشابه المدن ذات لوائح وبالطبع قد طرحت مشاكلها الاقتصادية ـ تأكيدها ، فالحفريات فى دير أبو فانا هى فى الوقت الراهن الحفريات القبطية الوحيدة فى مصر الوسطى التى تسمح بالبصيرة فى الأشكال السابقة للرهبنة.
ثالثاً ـ المخطوطات تتحدث
من المؤسف أن معلوماتنا التى أمدتنا بها المخطوطات عن أبو فانا ليست كثيرة بالرغم من أهمية هذه الجماعة الرهبانية ، وتخبرنا عن هذا القديس عدة أجزاء ترجع للقرن الخامس من مخطوطة ضائعة عن حياة الآباء رهبان الصحراء فى مصر والتى مع ملحق به ( 15 جزء 1) بالترجمة القبطية الصعيدية Apophthegmata Patrumll Saidic Version تسجل أجزاء عن القديس قينى سوياً مع أربعة من آباء الصحراء وكذلك اربعة سير بالتفصيل باللغة العربية من القرن 17-18م.
وهناك سيرة واحدة أخرى مفقودة ولكنها ظهرت فى نهاية القرن الماضى فى الكنيسة الموجودة فى الموقع هور وعن القديسين اللذين لم يخبرنا عن أحد منهم أى مصادر أخرى فان أبا دانيال قد سجل لنا أيضاً عنهم سجلات تستشهد يومياً 10000 قول من الانجيل أى حقاً أنها كانت تعتبر علماً عظيماً ، وان أمكن يقال قد كانت هناك مكتبة خاصة بذلك وعاشا أبا فانا وأبا دانيال فى الجبال وهى أرض ذات هضاب ضحلة فى هور . والمصطلح Ptoou (جبل) تم استخدامه كمرادف لكلمة (دير) وفى مثل هذه الحالة فان فانا ودانيال يكونان قد دخلا فى الدير القائم الحالى (الاسم القديم لأبو صير) وفى عالم هضاب هور Howr توجد آثار كثيرة لضواحى قبطيـة ولكنه لم يتم العثور على أى مغارات كانت خاصة بالسكن ، ومع ظهور بعض الاكتشافات لكن المواد الحجرية المستخدمة فى بناء الدير فانها قد تهدمت فى جبل هور نتيجة الكثير من العوامل.
وهناك مخطوطة على ورق البردى محفوظة فى المتحف بالنمسا ومصدرها منطقة هيرموبوليس (الأشمونين) وهى فى غاية عظمى من الأهمية اذ ترجــــع مصادرها الى سنة 533 ميلادية وفيـــــها وصف لمنطقة أبو فانا ، وهناك أخبار أخرى عن الدير فحتى زمن متأخر كان يذكر هذا الدير على ورق البردى.
رابعاً : الدراسات والأبحاث الحديثة
( أ ) كانت الدراسة التى أعدتها الحملة الفرنسية فى سنة 1798م هى أول دراسة علمية للديــر ولكن الوصف الذى كتبـــه أحـد علمائها Jommard يترك كثير من الأسئلة بدون ايضاحات وجاء فى النص ما يلى:
" أنها مكونة من جانبين منخفضين ومن صحن الكنيسة ومحاطة بصفين من ستة أعمدة أحدهم ملتصق وفى المحور يوجد عمودان آخران: فى النهاية توجد صالة نصف دائرية مزينة بستة أعمدة وفى وسطها مذبح مطلى بالجبس . توجد أيضاً عدة صالات للخدمة على اليمين وعلى اليسار. وهناك قبة تعلو المذبح وقباب أخرى أصغر تعلو أربع حجرات. بعض الأعمدة مصنوعة من الطوب الأحمر والأخرى من الرخام ، كلها مبنية بطريقة سيئة . والحائط مطلى بالجبس . على الحائط الداخلى توجد بعض الرسومات السيئة الصنع بها صلبان بأشكال مختلفة ورسوم مراكب وأشجار غير متقنة التلوين . فى نهاية صحن الكنيسة توجد صالة مفصولة عنه بسور خشبى وبخشب مشغول جيداً . وفى احدى القاعات الجانبية وجدت فتحة تؤدى فيما يبدو الى دور سفلى . وأخيراً رأيت فى احدى الزوايا فسقية ( بئر ) وفى الأخرى فرن.
(ب) منذ عام 1987م وهذا الدير ذو المساحة الكبيرة والتى تقدر قيمتها بما يقرب من ثلاثة هتكار (الهتكار 10 آلاف متر مربع) ، وقد توالت البعثات العلمية فى الكشف عن آثار الدير ، وتكونت مجموعة فريق دولى من ثمانية من المؤسسات فى خمس دول أوربية وقد تقدمت الأبحاث بنشاط زائد منذ ذلك الوقت.
فقام فى السنوات الأخيرة قسم الاثار والعمارة بالمعهد العالى للدراسات القبطية بالأنبا رويس تحت اشراف الراهب صموئيل السريانى بوضع دراسة عن الدير ووصف أبنية الدير وملحقاته فى وضعه الحالى مع ذكر التعديلات الحديثة التى تمت أو بعض الأبنية التى شيدت فيه . وفى شهر مايو سنة 1987م قام عالم الاثار الألمانى دكتور بيتر جروسمان Prof. Dr. P. Grossmann أستاذ الآثارالشرقية بالمعهد الألمانى بدراسة مبانى الدير ، وقد تم بواسطته رفع الكنيسة معمارياً ووضع وصف لها ( الدير والكنيسة القائمة ).
(ج) دراسات البعثة النمساوية: فى أواخر سبتمبر سنة 1987م قامت هيئة الآثار المصرية بالاشتراك مع بعثة الاثار النمساوية تحت اشراف عالم الآثار دكتور هلموت بوشهاوزن Prof. Dr. H. Buschhausen بالقيام بعمل الترميمات للكنيسة والفريسكات على جدرانها وعمل سقف خشبى لسقف الكنيسة واستمرت أعمال البعثة فى البحث عن الكنيسة القديمة وملحقاتها ، فبدأ التنقيب خارج الدير وبعد ازالة تلال الرمال من بعض تلك الأكوام المنتشرة بجانب الدير وعلى مسافة عدة أمتار منه، ظهرت النتائج مبشرة اذ كشفت عن الكنيسة القديمة وأغلب الظن أنها ترجع الى زمن القديـــس أبوفانا نفسه أى نهاية القرن الرابع ، وجدرانها مزينة برسوم الفرسك على الجص بألوان بديعة ، واكتشف المذبح وباقى حدود الكنيسة وقواعد أعمدتها ، وملاصق للكنيسة بالجهة القبلية من الخارج صالة كبيرة تتوسطها مائدة مستطيلة وحولها قواعد مستطيلة ملاصقة لحوائط الصالة وفى الحوائط خلف مكان كل راهب توجد فجوات صغيرة ربما كانت تستخدم لوضع نصيب كل راهب فيها من الطعام، وقامت البعثة بعمل سقف مسطح للكنيسة القائمة وهى تحاول جاهدة اعادة الكنيسة الى وضعها السابق وترى ذلك العمل سهلاً من الناحية الفنية اٍذ أن جميع الأقسام الأساسية موجودة فى أجزاء مكملة لبعضها.
(1) وصف البعثة لكنيسة الدير
(البازيليكا) ذات الثلاثة قباب والمزودة بأرضية مرصوفة ببلاط من جبال هور الواقعة بالقرب منها بها 4 صحون . وصحن الكنيسة الأوسط كان يحمل بالتأكيد سطحاً منسماً (جمالون) يمكن رؤيته بينما الصحنين الجانبين الاخرين غطاءهما عبارة عن سطح منبسط (سطح مستو) ومازالت ثقوب دعاماته (الكمرات) الافقية فى الجزء الغربى من الجدار الشمالى موجودة حتى الآن . وبالاضافة الى ذلك فان هذا المبنى الطولى يحتوى أيضاً على صحن غربى ، سطحه منبسط يقع على أرضية عالية مرصوفة ، كما أن قواعد الأعمدة التى من صخور الصدف الجيرية السابقة مازالت موجودة أيضاً تحت أعمدة الارتكاز المستديرة الضخمة الأخيرة التى من الطوب ، وكذلك يمكن رؤية القاعدة الأصلية للأعمدة فى الركــــن الشمالى الغربــــى للكنيـــسة والأجزاء (الكسر) الأخرى للأعمدة التى توجد فى داخل الكنيسة ، أما باقى الأجزاء المنحوتة والتشكيلية فلا تنتمى الى المبانى السابقة . والمدخل الوحيد الى الكنيسة يوجد فى الجانب الشمالى أى فى الاتجاه الأصلى الذى تهب منه الرمال باستمرار مما كان السبب فى أن يتم حماية المدخل أيضاً بجدار ارتفاعه متراً واحداً والذى ببساطة تم بناءه فوق الرمال التى هبت بمرور مئات السنين ، ويلتحق بالصحن الأوسط ثلاث حنيات له امتداد كبير عن قوس الشرقية للهيكل الأوسط . ونتيجة للامتدادات المختلفة لأقواس المدببة فان مربع القباب أصبح له شكل مستطيل عرضى . وقد تآكلت الدعامات الخشبية مما أدى الى أنه يجب أن تمسك بدعامات خشبية تم ادخالها عن طريق الفتحات أسفل القباب فى الجانبين الغربى والشرقى ، ولقد كانوا سابقاً يستخدمونها فى بناء القبة ونشاهد حنيات ثلاثية تحدد ارتفاع الصحن الأوسط لأنه ينتهى عند البيت الطولى بقوس نصر يمتد أعلى حافته افريز ذو زخارف من الجبس وقوس النصر هذا من الطبيعى يمتد بحيث يمكن رؤيته بوضوح أى أن سقف الجملون للصحن الأوسط كان موضوعاً أعلى القوس بمعنى أن الجدار المرتفع للصحن الأوسط وصل حتى ارتفاع قوس النصر وارتفع عنه سقف الجملون . والحجرات التى تم اخلائها والتى على شكل حرف " L" على الجانبين تم بعد ذلك استخدامها كحجرات أخرى مثل (غرفة المقدسات وملابس الكهنة) وغرفة للقربان وتم تغطيتها بالقباب. والمبنى مقسم الى ثلاث أقسام هى البيت الطولى ويشاهد ممر مقنطر على ستة أعمدة ، وحنيات ثلاثية فى الهيكل الأوسط ثم الشرقية ولها قبة جميلة.
وعند الترميمات الأخيرة ثبت أن جميع رؤوس (تيجان) الأعمدة الأصلية مازالت موجودة تحت طبقة الزخارف الحاجبة. كذلك فان مجالات اسفين الممر المقنطر (arcade ) منقوشة بالزخارف ، ولا يمكن مؤقتاً تحديد ما اذا كانت نقوش Trikonchos ترجع الى العصور الوسطى. والمكان الجميل الوحيد الذى لم ينفك فى هذا العمل البنائى هو عند الممر من البيت الطولى الى مستطيل القبو . كما أن سقف الجملون يعتقد أنه ينتهى بجدار به نافذة مركزية تماثلها تماماً النافذة الغربية فى القبة . ويوجد فى الصحن الأوسط لكنيسة أبوفانا أيضاً مدفناً ولكنه لم يتم الكشف عنه حتى الآن . ويمكن أن يسمى هذا الطراز من البناء بالبناء الديرى ( أى خاص بالرهبان).
(2) ملاحظات على فن عمارة الدير
ان الطراز فى البناء وهو ما يسمى بالبناء الديرى يتشابه من حيث الشكل مع أديرة الصعيد مثل الدير الأحمر والدير الأبيض ( أديرة الأنبا شنودة رئيس المتوحدين ) فى سوهاج ، وأيضاً مع كنائس دندرة وأبو حنس.
وحتى الأشكال المفردة ( النادرة ) يوجد لها أمثلة فى الفن البيزنطى فى الشرق: الحنيات الثلاثية فى كنيسة الميلاد فى بيت لحم ، سقف جملون فوق الصحن الأوسط ذو أسقف جانبية تقريباً مسطحة ، عقد مدبب وكذلك تركيباتها بامتدادات مختلفة كحوامل تقريباً فى كنيسة القديس استفانوس فى Unbnisi وكنيسة أم الله فى Gurdschani . كما أن عملية اعادة تصميم كنيسة أبوفانا التى ارتكزت على بعض الأشكال النادرة (المفردة) المختلفة التى مازالت فى حالة جيدة حتى الأن وضع خططها Dipl.Ing. Johannes Sima من كلية الهندسة جامعة قيينا Wien. وهى طراز الكنائس واسع الانتشار كأديرة كثيرة فى صعيد مصر فى الاثار القديمة.
كما أن فريسكو (نقش على الحائط) للشرقية يعتبر من أضخم عمليات الرسم للصليب فى الكنيسة القبطية وبناء على التطابقات العديدة فان هذا الرسم يرجع الى القرن الثانى عشر فقط . وبعض الصور القديمة للأب Pater Jullien توضح تغطيات بالألوان من العصر المملوكى والتى سقطت ثانية عام 1967 عندما كنا نقوم بالتخلص من الرمال التى فى الكنيسة . ولا يمكن اثبات وجود طبقة أقدم من الرسومات أى ترجع الى حوالى من القرن الخامس.
وفى الحنيات الثلاثية توجد عدة كتابات (نقوش) باللغة القبطية واليونانية ومن بينها بداية سفر الرؤيا . ومن حيث ال Apsiden الجانبيتين فقد تم الكشف عن الجنوبية عام 1992 وهى تعرض Hetoimasia فوق مذبح تحتBaldachin والمتشابه الوحيد معها تعرضه الفسيفساء فى كنيسة الميلاد فى بيت لحم التى ترجع لعام 1169. ومازالت عمليات الترميم فى الجهة الجنوبية باقية حتى الان أما الشمالية فلم يتم الكشف عنها حتى الان . أما القبة فانها لا تحتوى على أى رسومات حسب كل عمليات البحث التى أجريت . وتـــــحت طبقة الطلاء
(البياض) توجد جميع زخارف قوس النصر وأما أنا ( بوشهاوزن ) فمن ناحيتى لا أستطيع أن أذكر متطابقاً تماماً لها سوى فى كنيسة فى النقلون فى الفيوم الجنوبية . وكنيسة المدفن عند أسفل الهضبة تتشابه مع كنيسة اكتشفت شمال غرب سمالوط وبنيت فى نفس الزمن (النصف الأول من القرن الخامس).
سادساً: نتائج التنقيب فى المنطقة
فى أثناء عمليات الحفر والتنقيب اكتشفت البعثة فى الوحدات شمال الدير أكثر من 20 قطعة من العملات المعدنية ترجع للفترة ما بين عام 350 و 425م وبعضهم استخدم لفترة قصيرة جداً . تجعلنا نفكر بوضع تاريخ قديم لوحدة الدير على الرغم من أن الأجزاء الفخارية والخزفية ترجع لقرن بعد ذلك . وقد تم حتى الآن الكشف عن معظم تيجان السور مما يتيح لنا بمنظر عام لوحدة الدير بأكملها . ويمر من خلال الجزء الشمالى من وحدة الدير شارعين متوازيين تقريباً ويرجح أنهما ينتهيان فى الشمال بمدينة المقابر . ومتعامداً على هذين الشارعين يمر شارع اخر من خلال الجزء المكشوف عنه وينتهى عند حجرتين لم يتم فحصهما حتى الآن . ونتيجة لنظام الشوارع هذا فان الدير قد انقسم الى Insulae (غالباً مجموعات منعزلة) يوجد فى شمالها Eremitage وهى صورة ثانية من حياة الرهبان بالجانب الى مجموعات تتكون من القلالى الموجودة شمالاً والتى تعد طرازاً بنائياً طبقاً لطرق البناء المصرية القديمة وتم الكشف عن Eremitage تحتوى على نقوشات وجميع المحتويات الفخارية والخزفية وابعد من ذلك فى جهة الغرب فناء كبير به شجرة نخيل واحدة.
ويمكن أن نعتبره حظاً سعيداً لنا أنه منذ بداية عمليات الحفر قد تم الكشف عن الحجرات الأساسية للدير . وكنيسة المدافن لرؤساء الأديرة أو الرهبان تم بنائها فوق المقابر حيث تمتد المقابر على انخفاض بسيط جداً من سطح الأرض فى الاتجاه الشمالى الجنوبى وبذلك وضعت أجساد الرهبان حسب الطقس القبطى واتجاهها ناحية الشرق ، وكانت بعض الأجساد فى مقابر لها شواهد قبور مدون فى أعلى الشاهد اسم القديــــــــس وتحته كتـــــــابة بالقبطية وتــرجمته " صلى لأجلى " ومــــــرسوم على الشـــــاهد علامة الصليب وفيـــها مـــدفن أقا هيروكليدس وأقا شنودة وتم فتح أحدها فى أواخر عام 1990 للقديس أقا كافكا Apa kafka والذى اكتشف جسده فى داخلها وكان مطيباً بالأطياب. واكتشفت عدة مبان ومازالت أعمال البعثة جارية فى اكتشاف بقية المنطقة ، وفى منتصف أحد المبانى وجد مدفن جدير بالملاحظة وهو يوجد فى غرف الدير وقد كان مغطى نتيجة وجود نصب تذكارى لمدفن من حيث النوع يرجع لفترة قبطية من أوائل المسيحية . ولكن نوع هذا النصب التذكارى مازال مستخدماً حتى وقت حديث . والمتوفى تم دهنه بكمية كبيرة جديرة بالذكر من البخور والراتينج من الحنوط التى كانت موجودة بين ركبتيه ، وقد تم لفه فى كتان منسوج بعناية خاصة مزيناً بقطعة قماش أرجوانى وهنا يلزم أن نستعيد السيرة التى باللغة العربية التى تحكى قصة القديس أبوفانا.
وبجانب حجرة الأغابى توجد المائدة الأصلية حيث يجلس الرهبان على دكك طويلة وليس على مناضد مستديرة ويضعون الطــــعام بجــانبهم
(ثبت وجود بقايا مصبوبة من كوب على الدكة) . وتم امداد كل من صالة البئر والمائدة بالاطعمة من جناح المطبخ الذى لم يتم حتى الآن الكشف عنه وبدلاً منه وجد جنوبى الشارع الذى يمر متوازياً لصالة البئر مطبخ للخبز والسكر فى فناء غير مغطى . وقصب السكر الذى تم جعله رخواً بالمياه كان يدك (يهرس) فى أحواض مختلفة الارتفاع وبعد ذلك بانحدار 20سم يتم توصيله الى حجرة المطبخ حيث يتم طهيه فى فرنين . واذا كان الموضوع سيدور حول مطبخ للسكر فان الوحدة الموجودة فى أبو فانا تعتبر أقدم وحدة فى المجال المصرى حيث توارث استخدام قصب السكر فقط فى زمن العرب . وهناك اقتراحات على الدوام لمعانى أخرى لاستخدمات الحجرة.
فالأحواض يمكن أن تصلح لتجفيف الفواكه ، والأوانى التى تجف بالهواء أو أى مواد غذائية أخرى . والمجرى الجيرى عبر الحجرة يكون مجرى مياه ذو روافد فى الركن الشمالى الغربى وليس ذو مصرف ، لأنها تنتهى بعد سريانها أسفل الجدار الشرقى للحجرة فى المطبخ ذو الفرنين. وأنه لمن المحتمل أيضاً بدرجة كبيرة أن تكون هذه الوحدة قد بنيت فى الفترة الأخيرة للدير فى فناء مفتوح أصلاً.
ولا يمكن أن يتم امداد المائدة وصالة البئر فى احتفالات الأغابى التى يتم التغذية أثنائها من هنا لأن الدخل الى المطبخ ذو الفرنين كان وضعه ناحية الغرب.
وقد وجد فى مدافن كنيسة الرهبان 4 مصابيح زيت من البرونز وكذلك Lavado ( الحوض المستخدم فى اغتسال يدى الكاهن القائم بالقداس) وطرازه وحيد تماماً من البرونزية Protomen وزخارف معقدة. ولا أعرف أى تشابه مع هذا الوعاء ، ووعاء كروى بيزنطى من الزجاج به رسومات محفورة عليه يوجد مثالين آخرين له فقط فى العالم أجمع وعاء فى عمان من جرش والآخر فى واشنطن.
ومن أجمل الاكتشافات تلك الحجرات الفردية لرهبان كانوا يعيشون بمفردهم والبعض منها مزود برسومات مثل صورة زائر لكنيسة القبر المقدس فى أورشليم. (انتهى ملخص دراسة بوشهاوزن).
ومازالت أعمال التنقيب والبحث مستمرة بدراسة منطقة أبو فانا دراسة دقيقة للدير وملحقاتها التى تبعد قليلاً منه الى جهة الشمال وخاصة الكنيسة الجميلة التى اكتشفت والمائدة الملاصقة لها ومائدة أخرى كانتا تستخدمان فى موائد المحبة ( الأغابى) والفرن والبئر والقلالى التى كان يسكنها الرهبان وجميعها كانت مختبأة تحت الرمال ، وربما تظهر أعمال التنقيب فى المستقبل عن مكتبة للدير أو آثار جديدة تثرى تاريخنا المجيد وكنيستنا العريقة ولكن أهم تلك الكنوز التى ظهرت بعد ازاحة الرمال هى أجساد هؤلاء القديسين الذين تقدست بهم المنطقة وكانوا من هذه الجماعة الرهبانية الأولى التى أسسها القديس أبو فانا.