سيرة القديس الشهيد مار مرقس الرسولى القديس العظيم


القديس مرقس الرسول هو احد رسل ربنا يسوع المسيح السبعين ،وبعد ان حل الروح القدس على التلاميذ صار من نصيب القديس ان يبشر فى بلاد مصر وشمال افريقيا. وأسس الكنيسة القبطية وهى التى تعرف بكنيسة الاسكندرية فهو اول بطريرك لها.وقد سمى جميع البابوات من بعده خلفاء القديس مرقس وكرسى البطريركية يسمى بالكرسى المرقسى نسبة الى القديس مرقس.

وهذا القديس هو احد الانجيليين الاربعة الذين بشروا باناجيلهم العالم اجمع،كما انه وضع القداس الذى عرف فيما بعد باسم القداس الكيرلسى.
وتحتفظ الكنيسة القبطية برفاته فى القاهرة ،وبرأسه المقدس فى الاسكندرية. 
ومارمرقس هو الذى اسس مدرسة الاسكندرية اللاهوتية (الاكليريكية)
وتقترن صورة مارمرقس دائما بصورة اسد:اما لان اولى معجزاته هى قتل اسد ولبؤة باسم الرب. واما لان انجيله يبدأ بصراخ الاسد "صوت صارخ فى البرية" واما لان انجيله يمثل السيد المسيح فى جلاله وملكه على اعتبار انه الاسد الخارج من سبط يهوذا. 
يسمى القديس مرقس كاروز الديار المصرية،هذا من جهة كرسيه الاصلى ولكن كرازته امتدت الى افاق واسعة ،لذلك صدق الانبا ساويرس عندما قال عنه "ذلك القديس العظيم الذى لم يضىء مصر فحسب بل العالم كله".

لقد عاش مارمرقس فى منتصف القرن الاول الميلادى واستشهد سنة 68م فى الاسكندرية.

نشأته :-


ولد القديس مرقس فى درنة باقليم برقة فى الخمس مدن الغربية بليبيا من ابوين تقيين. فامه هى احدى المريمات اللائى تبعن المخلص وذهبن الى القبر باكرا جدا، وكان بيتها اول كنيسة مسيحية فى اورشليم. وابمه هو ارسطوبولس ابن عمة زوجة بطرس الرسول ،وكذلك يمت بصلة قرابة للقديس برنابا والقديس توما.
لم يعرف على وجه التحديد تاريخ ميلاد القديس ولكن المعروف لنا ان مرقس كان شابا فى العشرين من عمره تقريبا وقت صلب المسيح اى اصغر منه بحوالى 13 سنة. 
سكنت اسرة القديس فى مبدأالامر بمدينة القيروان وكانت تعمل بالزراعة ولها ممتلكات شاسعة. وكان لاسرته قدر كبير من الثراء الروحى اذ حفظت الشريعة الموسوية واحسنت تربية ابنها وعملت على تثقيفه باللغات العديدة والثقافات المختلفة.
وقد توالت على اسرته غارات البربر فى عهد اوغسطس قيصر حيث سلبوا كل اموالهم . فاضطرت الاسرة للهجرة تحت ضغط الحاجة الى الامان فاتجهت الى فلسطين وكان ذلك فى بداية خدمة السيد المسيح.

نمى مرقس فى ربوع اورشليم وتبع المخلص وكذلك مريم امه تبعت المخلص وفتحت بيتها للرب وتلاميذه.



مارمرقس والاسد :-

فى ذات يوم قصد مرقس ووالده الاردن ،وفى طريقهما خرج عليهما اسد ولبؤة. وارتاع ارسطوبولس ابيه وقال لابنه " اترى يا ابنى انهما سيفتكا بنا ،فاتركنى انا واهرب انت" ولكن القديس قال بقلب شجاع " لا تخف يا ابى فان المسيح حبيبى الذى اؤمن به سينقذنا من اى خطر ولن يسمح لهما ان يمسانا بسوء" ورفع قلبه الى الله ثم صرخ فى الوحشين قائلا "الهى يسوع المسيح ابن الله الحى يمنع عنا شركما وينقذنا منكما" وما ان اتم القديس كلماته حتى مات الوحشان. وانضم ارسطوبولس الى حظيرة اليمان المسيحى ولكنه لم يعش طويلا اذ مات بعد ايمانه بزمن قليل.

خدمة مارمرقس :-

معروف ان القديس مرقس هو احد الرسل السبعين وانه واحد من الخدام الذينساعدوا فى ملء الاجران ماء فى عرس قانا الجليل. وهو ايضا الشاب حامل جرة الماء الذىقصده الرب بكلماته عندما كان يخبر تلاميذه عن مكان اعداد الفصح "اذهبا الى المدينةفيلاقيكما انسان حامل جرة ماء" وقد كانت العلية التى عمل فيها الفصح فى بيتمارمرقس. وفى هذا البيت اكل الرب الفصح وايضا غسل ارجل تلاميذه وفيه اجتمع التلاميذاثناء الآم السيد المسيح وموته لخوفهم من اليهود. وفيه حل الروح القدس عليهموتكلموا بالسنة.
وقد تبع القديس مرقس السيد المسيح وتتلمذ على يديه ولذا لقبتهالكنيسة "ناظر الاله".وتلقبه الكنيسة "كاروز الديار المصرية" حيث يوجد كرسيهالاصلى، ولكن كرازته امتدت الى افاق واسعة فشملت القارات الثلاث التى كانت معروفةفى ذلك الوقت وقد خدم فيها على ثلاث مراحل:

1 خدم مع بطرس الرسول

2- خدم معبولس الرسول

3-خدمبمفرده
وقد سجل لنا سفر اعمال رسل ان القديس مرقس بينماكان شابا صحب الرسوليين بولس وبرنابا فى رحلة تبشيرية منتقلين من انطاكية الى قبرصثم الى الساحل الجنوبى من اسيا الصغرى.
وفى اليهودية كرز مع بطرس الرسول فىاورشليم وفى بيت عنيا. اما كنيسة روما فقد تأسست على يد القديس بولس وساعده فى ذلككثيرين فى مقدمتهم القديس مرقس.
ثم جاء القديس مرقس الى شمال افريقيا ،وبشربالانجيل فى موطنه الاصلى اى فى الخمس مدن الغربية وهى تقع فى الشمال الغربى لمصرحيث بلاد ليبيا،وكان ذلك حوالى سنة58م.
وقد عاد اليهم ثانية حوالى سنة 63مليفتقد المؤمنين وقضى بينهم سنتين سام خلالها اساقفة وكهنة وشمامسة وثبتالمؤمنين.
وبهذا تبعت الخمس مدن الغربية كنيسة الاسكندرية خاضعة لباباالاسكندرية.
مارمرقس والاسكندرية:-
جاء القديس مرقس الى الاسكندريةولم تكن فيها كنيسة وانما كانت تزدحم بالعبادات الكثيرة مصرية ويونانية ورومانيةوشرقية كما ازدحمت بفلسفات عديدة. وما أن وقع بصر القديس على هذه المدينة العظيمةحتى شعر انه فى حاجة الى معونة الهية ليتغلب بها على قلوب الناس المتحجرة. ولذلكصلى عند مدخل المدينة صلاة طويلة ،ثم دخل المدينة وقد قطع رحلته سيرا على قدميهولطول المسافة تمزق حذاؤه فمال الى الاسكافى ليصلحه.وبينما يصلح الاسكافى الحذاءنفذ المخراز فى يده واحدث بها جرحا وتألم انيانوس الاسكافى وصرخ قائلا "ايوس ثيئوس" ومعناها "يا الله الواحد". 
تعجب القديس من كلمات الاسكافى الوثنى،وبكلمات قليلةطمأنه على جرحه ثم تفل على الارض فصار التفل طينا ووضع الطين على الجرح.ورشمهبعلامة الصليب وهو يقول "باسم السيد المسيح تبرأ فى الحال" وحدثت المعجزة الاولىووقف نزيف الدم وشفيت يد انيانوس فى الحال.

ذهل انيانوس من صنيع هذا الرجل معهوبادره القديس يسأل عن سبب صراخه باسم الله الواحد واخذ القديس يبشره بالسيد المسيحالذى باسمه حدثت المعجزة وشفيت يده. 
فرح انيانوس بكلمات القديس ودعاه الى بيتهولبى القديس دعوته وجمع له الاسكافى اهل بيته بعد ان عرفهم بما صنعه معهالقديس.واخذ مارمرقس يحدثهم عن السيد المسيح فآمن انيانوس واهل بيته واعتمدوا جميعاوقد جعل من بيته كنيسة سميت فيما بعد بكنيسة مارجرجس. 
.وكان بيت انيانوس هوالنواة الاولى للكنيسة المسيحية فى مصر ومنهم نمت الكنيسة وامتدت.

وقضى القديسمرقس بينهم كل وقته يعلم ويبشر فآمن به كثيرون وذاع وانتشر اسم المسيح فى مدينةالاسكندرية.
ورأى مارمرقس ان الاسكندرية بلد عالمى كبير ويسكنها عدد كبير منالفلاسفة والمفكرين والعلماء الذين يناقشون النظريات والاراء فى مدرستهم الوثنية. فوجد لزاما عليه ان يتحدث الى هؤلاء من خلال منهج علمى منظم فانشأ المدرسةالاكليريكية واقام عليها القديس يسطس مديرا لها.
غادر القديس الديار المصريةمتجها الى المدن الخمس الغربية ليفتقد رعيته ثم عاد اليها مرة اخرى.
استشهادالقديس:-

اضمر الوثنيون الشر للقديس مرق الذى زعزع عقائدهم واهان عقائدهمبتعليمه.وفى احد الايام وهو الموافق 29 برمودة _ 26 ابريل سنة 68 بينما كانالوثنيون بعيد الههم سيرابيس تفرق بعضهم فى كل مكان فى المدينة ليقبضوا على القديسويضعوا حدا لرسالته.وكان مارمرقس يحتفل وسط شعبه بعيد القيامة فى كنيسةبوكاليا.فقام الوثنيون فى هياج شديد وهجموا على الكنيسة اثناء الصلاة ، واخذواالقديس فى عنف شديد بينما كان واقفا امام المذبح يصلى.وطافوا به فى شوارع المدينةوطرقاتها وهم يسحبونه بقسوة بالغة وكان جسده يرتطم بالحجارة فيتمزق ويسيل دمهالطاهر وتخضبت الارض به وتسلخ جلده وهم لا يشفقون عليه. ولما مال النهار وتعبوا منتعذيبه طرحوه فى السجن الى اليوم التالى. وفى السجن ظهر له ملاك الرب بنور عظيمفقواه وعزاه وبعد اختفاءه تجلى له رب المجد يسوع فى قوة وبهاء فمنحه السلاموقواه.
وفى اليوم التالى اقبل عليه الوثنيون حتى يكملوا تعذيب القديس ،فربطواحول عنقه حبلا واخذوا يجرونه فى عنف شديد كما فعلوا بالامس واهانوه كثيرا حتى اسلمالروح فنال اكليل الشهادة وكان ذلك فى يوم الاثنين 30 برمودة المافق 8 مايو سنة 68ميلادية فى حكم المبراطور الرومانى نيرون.
واراد الوثنيون حرق جسده الطاهرامعانا فى الاهانة ولكن الله احدث بروقا ورعودا فامطرت السماء فانطفأت النار قبل انتمس الجسد المقدس.واسرع المؤمنون واخذوا الجسد الى كنيسة بوكاليا ووضعوه فى تابوتثم دفنوه باكرام فى الجانب الشرقى من الكنيسة.
جسد القديس:-
ظل جسد القديس مدفونا فى كنيسة بوكاليا حتى القرنالتاسع الميلادى حيث اخذه بعض التجار من البندقية وابحروا به الى مدينة البندقيةبايطاليا.وهناك استقبلوا الجسد باحتفال كبير وبنيت كنيسة للجسد وسميت باسممارمرقس.
وفى عهد قداسة البابا كيرلس السادس ارسل قداسته الى البابا بولس السادسيطلب منه رفات القديس مرقسزوعاد الينا كاروزنا الحبيب فى 24 يونيو1968 واقيمتالاحتفالات واودعت رفات القديس فى المكان المعد لها تحت الهيكل الرئيسىللكاتدرائية.

استلام رفات القديس مرقس يوم السبت 22 يونيو 1968 الموافق 15 بؤونة 1684

صور تطييب قداسة البابا شنودة الثالث لرفات القديس العظيم مارمرقس الرسول بالمرقسية



أحدث أقدم