لماذا اختص الروح القدس بالشركة؟.. من اقوال البابا اثناسيوس الرسولى


الروح القدس هو روح الأب وروح الابن منبثق من الأب في الابن عمله وغايته أن يهبنا الشركة العميقة مع الثالوث الأقدس فنتمتع بحب الأب مرسل الإبن الحبيب الوحيد ونعمة الابن المجانية وتنعم بمواهب الروح القدس فعمل الروح القدس ليس منفصلًا عن الأب أو الابن لأنه روح الأب والابن..


+ فإرسال الروح القدس الذي وهب للبشر ليخلق فيهم الإنسان الجديد الذي على صورة السيد المسيح وهو وعد من الأب: هذا ما قيل بيوئيل النبي يقول الله ويكون في الأيام الأخيرة إني أسكب من روحي على كل البشر "اع16:2. هكذا ذكر الرب يسوع تلاميذه بهذا الوعد موصيهم ألا يبرحوا من أورشليم بل ينتظروا موعد الأب... فما قدمه لنا الابن بالروح القدس إنما كان بوعد من الأب وما قدمه الروح القدس في يوم الخمسين وما يقدمه لنا في سر العماد وغيره من الأسرار لا يصنعه الروح القدس بعيدًا عن الابن فقد قيل عن الابن الذي تري الروح نازلا ومستقرا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس فالذي يعمد ليس الروح القدس إنما المسيح يعمد بالروح القدس

+ وفي الكنيسة وإن كان الكاهن هو خادم السر علانية لكن المسيح بنفسه هو مجري السر بطريقة سرية بالروح القدس.

وغاية عمل الروح القدس فينا هو المسيح.. يشهد فينا له يقدسنا في المسيح ليقدمنا إلي ألآب مقدسين في المسيح يسوع لنا سمات الرب يسوع "غلا17:6 "، أعضاء المسيح ومن لحمه وعظامه "أف30:5.

+ ويكون المسيح في حياتنا باختصار نقول أن اختصاصه هو شركتنا مع الثالوث إنما لكي ننعم بعمل الثالوث الأقدس في حياتنا وتراه قلوبنا وتلمسه حواسنا الداخلية مختبرين أعمال الله العجيبة اختبارًا عمليًا وقد أفاض الآباء القديسون في الحديث عن عمل الروح القدس فينا من جهة تمتعنا بالشركة مع الثالوث لكني اكتفي ببعض مقتطفات لأبينا أثناسيوس الرسول كمثال يعقبه مقال للقديس أغسطينوس.
+ إن كنا نستنير بالروح القدس "أف18، 17:1 "فإن المسيح هو الذي ينيرنا فيه لأن الكتاب يقول "كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان أتيًا إلي العالم".

وأيضًا كما أن الأب ينبوع ودعي الابن نهرًا فقد قيل إننا نشرب من الروح القدس لنه مكتوب (وجميعنا سقينا من روح واحد "وإن كنا نشرب من الروح القدس فإننا نشرب من المسيح لأنه قيل إنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم والصخرة كانت المسيح.

وأيضًا كما أن المسيح ابن حقيقي فإننا نصير أبناء عندما نقبل الروح القدس يقول الكتاب إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضًا للخوف بل أخذتم روح التبني "وإن كنا بالروح القدس قد صرنا أبناء فواضح أننا في المسيح دعينا أولاد الله "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله".

+ إذًا فكما أن الأب هو "الحكيم وحده "حسب تعبير بولس فالابن هو حكمته "المسيح قوة وحكمة الله "وكما أن الابن هو الحكمة فإننا إذ نقبل روح الحكمة يصبح لنا الابن وفيه نصير حكماء لأنه هكذا كتب في المزمور المائة والخامس والأربعين "الرب يطلق الأسري الرب يحكم العمى وعندما يعطي لنا الروح القدس "قال المخلص اقبلوا الروح القدس يصبح الله فينا لأنه هكذا كتب يوحنا "إن أحب بعضنا بعضًا فالله يثبت فينا بهذا نعرف أننا نثبت فيه وهو فينا أنه قد أعطانا من روحة وعندما يكون الله يكون الابن أيضًا فينا لأن الابن نفسه قال "الأب وأنا نأتي وعنده نصنع منزلًا".

+ وأيضًا كما أن الابن هو الحياة لأنه قال "أنا هو الحياة "فإننا نيا بالروح القدس لأنه يقول "الذي أقام المسيح من الأموات سيحي أجسادهم المائتة أيضًا بروحه السكان فيكم " وعندما نحيا بالروح القدس يكون المسيح نفسه حيًا فينا لأنه يقول "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في".

+ ولقد أعلن الابن أيضا أن الأب عمل الأعمال التي عملها هو لأنه يقول "الأب الحال في هو يعمل أعماله صدقوني أني في الأب والأب في وإلا فصدقوني لسبب أعماله "كذلك أعلن بولس أن العمال التي عملها بقوة الروح القدس كانت هي أعمال المسيح "لأني لا أجسر أن أتكلم عن شيء مما لم يفعله المسيح بواسطتي إطاعة الأمم بالقول والفعل بقوة آيات وعجائب بقوة الروح القدس "رو19، 18:15".
+ فالمواهب التي يقسمها الروح القدس لكل واحد تمنح من الأب بالكلمة.

+ لأن كل ما للأب هو للابن أيضًا إذًا فتلك التي تمنح من الابن في الروح القدس هي مواهب الأب وعندما يكون الروح القدس فينا يكون فينا أيضًا الكلمة الذي يمنح الروح القدس والأب الذي هو في الكلمة وهذا يتفق مع ما قيل "إليه نأتي أنا والأب وعنده نصنع منزلًا لأنه حيث وجد النور وجد أيضًا الشعاع وحيث وجد الشعاع وجد أيضًا نشاطه ووجدت نعمته الخافقة.

هذا ما نادي به أيضًا الرسول عندما كتب لأهل كورنثوس الرسالة الثانية "نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم لأن هذه النعمة والموهبة التي تمنح إنما تمنح في الثالوث من الأب بالابن في الروح القدس.

وكما أن النعمة المعطاة هي من الأب بالابن هكذا لا يمكننا أن نشترك في الموهبة إلا في الروح القدس. لأننا عندما نشترك فيه تصبح لنا محبة الأب ونعمة الابن وشركة الروح القدس فينا.

+ هذه الحقيقة أيضًا تبين أن عمل الثالوث واحد فالرسول لا يعني أن ما يعطي يعطي بالتجزئة وعلى حدة من كل أقنوم بل أن ما يعطي يعطي في الثالوث وأن كل ما يعطي هو من الله الواحد.

فهو يطعمنا جسد الرب ويسقينا دمه.

+ إن إتحادنا بالمسيح بتناولنا من جسده ودمه أسمي من كل إتحاد.

+ إن تناولت منه قليلًا أو شربت منه كثيرًا ننال نعمة الفداء عينها كاملة بالمقدار عينه.
أحدث أقدم