هذه
الرسالة والتي تليها (تجسد الكلمة) تكوِّنان في الواقع فصلين من سفر واحد. فإن
جيروم
Jerome يُشير إليهما "كسفرين ضد الوثنيين".
وكلتاهما
موجهتان إلى الوثنيين. على أنه يُلاحظ في الرسالة التي نحن بصددها أن النقد موجه
بصفة أخص وبدرجة أقوى إلى معتقدات الوثنيين وعبادتهم. وكلتاهما ترجعان إلى أوائل
أيام أثناسيوس. ولذا فإننا لا نجد فيهما أثراً للثورة الأريوسية (حتى في فصل 46 :
8 من هذه الرسالة. أنظر أيضاً الحاشية) التي قامت سنة 319 قبل أن يبلغ الثانية
والعشرين من عمره. ولا يعرف بالتحقيق وقت كتابتهما.
أما
الإشارة الواردة في فصل 9 : 5 بأن عصر تأليه الأباطرة بقرار من مجلس الشيوخ قد زال
وانتهى فإنها تُشير إلى تجديد قسطنطين كنهاية للمرحلة. وأما وصول رسالة "تجسد
الكلمة" إلى أقصى درجات البلاغة لدرجة اعتبارها كقطعة نموذجية في علم اللاهوت
المسيحي فإنه يدفعنا إلى الاعتقاد بأنها وزميلتها قد كُتبتا في وقت متأخر جداً.
لأجل
كل هذه الأسباب فالمرجح انهما كتبتا في سنة 318 أو قبيلها بقليل، أي حينما كان عمر
أثناسيوس 21 سنة.
والغرض
من كتابة هذه الرسالة هو (فصل 1) لتوضيح وسمو الإيمان المسيحي ومعقوليته. وأعظم ما
يوضح الإيمان نتائجه العملية. الأمر الذي يستنتج تأثيرها مهاجمة العبادة الوثنية،
الأمر الذي يستنتج من نفس سبب الشر بوجه عام. أي من ابتعاد الإنسان عن مثله الأعلى
– "الكلمة" (ف 2-5)، وبإساءة استعمال الإنسان لقوة الاختيار السليم التي
وهبت له سقط (ف 6-8) في وهذه العبادة الوثنية وضلالاتها وأنحط من درجته (ف 9-15).
تعريب
القمص مرقس داود