عمل النعمة في حياتك
لعلك أيها العزيز تدرك معي ضعفنا البشري، وتئن
من شدة ثقل جسدنا وعجزه عن الانطلاق تجاه السماويات، حتى تصرخ من أعماقك الداخلية
متأوها "ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت؟!" (رو 7:
24).
ويشاركنا في هذا الأنين سائر الآباء، نذكر منهم القديس
أغسطينوس الأسقف، الذي يتحدث بصراحة قائلا قد يستطيع الإنسان أن يلجم لسانه – وحتى
هذا مستحيل- لكن من يقدر أن يغمض عينيه أو يسد أذنيه أو يضبط فكره عن الشر؟!
بل ونقول أن هذا هو عمل الروح القدس في الكنيسة أن
يبكت الإنسان ويفضح خزيه أمام عينيه، وإذ يدرك عجزه المطلق عن القيام بأي عمل صالح
أو الإرادة الخيرة أو الفكر المرضي أو حتى أن يعلم ما يصلي لأجله كما ينبغي (رو8:
26)، للحال يستند على النعمة الإلهية المحيية القادرة أن ترفعه حاملاً قوة جديدة
ليست من عمل إنسان!
ويقدم لنا سفر الأعمال مثلا حيا، فقد خرج شاول
الطرسوسي مشمرًا ساعديه ليخدم الرب بفكره الخاص، فأخذ يقتل ويقاوم عمل الله في
غباوة، إلى أن أدركته إشرافات المسيح السماوية، فاصطدم بالمسيح، وأصابه العمى،
وخارت قواه، وانكشف جهله، وعندئذ أدرك أن لا خلاص له بغير نعمة المسيح المجانية
التي ينالها خلال الإيمان بالمصلوب والعماد باسم الثالوث القدوس.
ففي الكنيسة خلال المعمودية يتحطم فينا شاول
الجسداني، لا لنحيا مطروحين محطمين مسلوبي الفكر والإرادة وقوة العمل، بل بالنعمة
الغنية يصير لنا فكر المسيح وإرادة المسيح وأحاسيسه وأعماله وآلامه وصليبه وقبره
وقيامته ومجده وشركة ميراثه الأبدي!
حقا أيها العزيز إن هذه هي كل مسيحيتنا أن ندرك
عمق ضعفنا ونتمتع بكمال قوتنا في الرب! أن يكون نصيبنا هو الهوان ونسكن في المجد!
نشعر بمرارة الخطية ونتذوق حلاوة النصرة.
بالنعمة الإلهية نتأكد أننا فقراء ليس لنا شيئا
من عندياتنا وأغنياء بالرب ونغني كثيرين، كأن لا شئ لنا ونحن نملك كل شئ!
لهذا يلتزم الكاهن –أسقفا كان أو قسا- في كل مرة
قبل أن تمتد يداه إلى الخدمة أن يرفع قلبه بانكسار متذللا "اني غير مستحق
ولا مستعد ولا مستوجب لهذه الخدمة المقدسة التي لك"، لكنه بكل ثقة يكمل
"كن معنا. اشترك في العمل معنا" (القداس الإلهي: صلاة
الاستعداد.).
لتحميل المقالة كاملة اضغط هــــــــــــــــــــــــــــــنا