14- الأعياد السيدية الكبرى:
4) عيد دخول السيد المسيح إلى أورشليم كملك (أحد الشعانين)
شعانين: كلمة عبرانية من (هوشعنا) أوصنا.. معناها (يا رب خلص) (مت 21: 9) ومنها أخذت لفظة أوصنا اليونانية (مت 21: 9) التي ترتلها الكنيسة في هذا العيد... وهو يأتي قبل الفصح بأسبوع وهو الأحد الأخير من الصوم واليوم الأول من أسبوع الآلام... وفيه يبارك الكاهن أغصان الشجر من الزيتون وسعف النخيل ويجرى الطواف بالبيعة بطريقة رمزية تذكارًا لدخول السيد المسيح الاحتفالي إلى أورشليم. وذلك أن المسيح غادر بيت عنيا قبل الفصح بستة أيام وسار إلى الهيكل فكان الجمع الغفير من الشعب يفرشون ثيابهم أمامه وآخرون يقطعون أغصان الشجر ويطرحونها في طريقة احتفاء به وهم يصرخون (هوشعنا لابن داود مبارك الآتي باسم الرب هوشعنا في الأعالي (مت 21: 9).. وقد كانوا يدعون هذا اليوم قديمًا بأسماء مختلفة منها (أحد المستحقين) وهم طلاب العماد الذين عرفوا الدين المسيحي وأرادوا اعتناقه فكانوا يذهبون ويطلبون التنصير يوم سبت النور (سبت لعازر) طبقًا لاصطلاحات الكنيسة في أول عهدها.. كذلك كانوا يدعونه (أحد غسل الرأس) وهى عادة كانت لهم في ذلك الزمان إشارة للتطهير واستعداد للتنصير... كذلك يدعون (أحد الأغصان، أحد السعف، أحد أوصنا) انظر دائرة المعارف مجلد 10 وجه 468).
ولأهمية هذا الحدث الجليل رتبت الكنيسة الاحتفال بذكراه كل سنة وجعلته عيدًا عموميًا من أعيادها الكبرى منذ القديم لأسباب منها
صورة في موقع الأنبا تكلا: صورة أيقونة قبطية حديثة عن يوم حد الزعف
أولًا:- لتذكير بنيها بذلك الاحتفال العظيم الذي استقبل به يسوع حتى كلما حضروا يوم الشعانين حاملين بأيديهم سعف النخيل وأغصان الزيتون يمثلون في الحال ذلك الموكب البهيج والاحتفال المهيب وتلك الجماهير المحتشدة احتفاء بقدوم يسوع فترتقي عقولهم إلى تلك الأيام التي تمت فيها أمور خلاصهم.
ثانيًا:- لترسم في أذهانهم وجوب الاستعداد القلبي الدائم لاستقبال يسوع في هيكل قلوبهم بمناولة جسده ودمه الأقدسين ببساطة ضمير وطهارة قلب كأطفال أورشليم.
ثالثًا:- لكي تعلمهم بهذا الاحتفال مطابقة الحقيقة المثال فإن خروف الفصح كان يجب أن يؤتى به في اليوم العاشر من الهلال ويبقى محفوظًا إلى الرابع عشر منه.. وفي مثل هذا اليوم نفسه (العاشر) داخل يسوع أورشليم بصفته حمل الله الرافع خطايا العالم (يو 1: 44) وفي الرابع عشر منه ذبح لأجلنا (1كو 5: 7).
هذا ومع أن سعف النخيل وأغصان الزيتون استعملت في الاحتفال الذي نعيد لذكراه.. واستعمالها إياها يكون تشبها بمن سبقونا إلى نفس العمل.. ولكننا ننظر إليها نظرة روحية فإن سعف النخل يشير إلى الظفر وإلى الإكليل الذي يهبه الله للمجاهدين المنتصرين فيوحنا الحبيب رأى جمعًا كبيرًا منتصرًا في أيدهم سعف النخيل (رؤ 7: 9) وإلى وجوب الجهاد الحسن (أي 6: 2) لينل إكليل الحياة الذي وعد به الرب الذين يحبونه (1كو 9: 25) (2تى 4: 7، يع 1: 12، 1 بط 5: 4، رؤ 2: 10) أما أغصان الزيتون فتشير إلى السلام كما أن عصيره يشير إلى القداسة لهذا لما أرسل نوح الحمامة عادت وفي فمها غصن الزيتون اخضر (تك 8: 11) إشارة إلى حلول السلام على الأرض.. ولذا فالكنيسة تحثنا على أن تتبع السلام مع الجميع والقداسة والتي بدونها لن يرى أحد الرب (عب 12: 14) فإن ثمر البر يزرع في السلام من الذين يفعلون السلام (يع 3: 18).
أما ترتيل (أوصانا) في أثناء الطواف (الدورة التي تعمل في باكر العيد) فلأنها الترنيمة النبوية الوحيدة (مز 118: 25، 26) التي لاقى بها الشعب العبراني رب المجد يوم دخوله أورشليم (مت 21: 9).
أما أن الكنيسة تقرأ فصلًا من الإنجيل في كل زاوية من الزوايا الكنيسة فذلك لسببين:
الأول: للدلالة على وجوب انتشار الإنجيل في كل أقطار الأرض الأربعة.
الثاني: لأن كلا من الأناجيل الأربعة روى خبر دخول الرب يسوع أورشليم فهي تقرأ في كل جهة فصلًا منها إشارة إلى أن بناء المسيحية يشيد على هذه الأعمدة الأربعة وبالتالي على يسوع نفسه حجر الزاوية (أف 2: 20) الذي نادى به الرسل في كل مكان (رو 10: 8) (كو 1: 23) وتنشد به الكنيسة الآن وإلى نهاية الزمان.
طقس العيد:
أ- عشية عيد أحد الشعانين:-
توجد إبصالية خاصة بالعيد (موجودة بكتاب دلال أسبوع الآلام) وتقال بلحن الفرح.. (حيث لا توجد طريقة شعانين للأبصاليات فللأبصاليات ثلاث طرق فقط وليس خمسة (سنوي - كيهكي - فرايحي) أما في الصوم الكبير فتقال الإبصاليات بالطريقة السنوي وفي عيد الشعانين وعيدى الصليب تقال الإبصالية بالطريقة الفرايحي حيث لا توجد للإبصاليات طريقة شعانين وصيامي. ولكن الشيرات الأولى والثانية وختام الثيئوطوكيات الواطس بلحن شعانين.. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وبعد الشيرات يوجد بكتاب دلال أسبوع الآلام وكتاب دورة عيديّ الصليب والشعانين وطروحات الصوم الكبير والخماسين.. يوجد طرح يقال خاص بالشعانين.
ب- ترتيب رفع بخور عشية لعيد أحد الشعانين:
يرفع الكاهن بخور عشية وبعد ما يقول الكاهن افنوتي ناي نان يرتل الشعب كيرياليسون بالكبير ثم لحن الشعانين (افلوجى مينوس) ثم طرح ثم أوشية الإنجيل ويطرح المزمور سنويًا ويفسر الإنجيل عربيا ويرد بهذا المرد (شيرى لازاروس) ويكمل الصلاة كالمعتاد.. وأن كان يوجد أيقونة للشعانين فيوقدون الشموع ويمضون نحوها وهم يرتلون لحن الشعانين (افلوجى مينوس) ثم الطرح.. وهذا القانون (راشى اونوف سيون تى فاكى - أفرحي وتهللي يا صهيون المدينة) وبعد ذلك يختم الصلاة بلحن البركة كالمعتاد.. ويصرف الشعب إلى منزلهم بسلام ليستريحوا قليلًا.
ج- تسبحة نصف الليل لعيد أحد الشعانين:
تقال ستة إبصاليات موجودة بكتاب دلال أسبوع الآلام ويلاحظ الآتي:
1- أن هناك ثلاث ذكصولوجيات خاصة بالشعانين (موجودة بكتاب دلال أسبوع الآلام، الإبصلمودية السنوية).
2- إبصالية ايكوتي تقال باللحن الفرايحي.
3- يوجد طرح (موجود بكتاب دلال أسبوع الآلام).
4- اللحن هنا لحن شعانيني، ثم يكمل كالمعتاد.
رفع بخور باكر عيد أحد الشعانين:
كالمعتاد مثل أي باكر فيما عدا الطريقة الفريحى وأوشية القرابين، حتى يقول الكاهن افنوتى ناى نان (و هو رافع صليبًا من سعف النخيل وأغصان الزيتون - كذلك في عشية) بالكبير فيرتل الشعب بالناقوس (أمين كيرياليسون كيرياليسون كيرياليسون) ثم يطوفون الهيكل ويقولون لحن الشعانين (افلوجى مينوس) ثم يطرح الشعانين (اصعد على الجبال العالية) ثم يطوفون البيعة ويرفع الكهنة البخور أمام الهيكل والأيقونات وهم يقرأون الفصول الخاصة بالدورة وترتيبها كالآتي:
1- يقول الكاهن أوشية الإنجيل ويطرح المزمور دمجًا أمام الهيكل الكبير ثم يقرأ الإنجيل من (يوحنا 1: 44 - 51) ثم يردد المرتلون بهذا الربع (بى افنو ان زو اون...) ثم يرددون بالمرد الثابت وراء كل ربع وهو (أوصنا خين نى انتشوسي).
2- يتجهون نحو بحري ويقفون أمام أيقونة السيدة العذراء وبعد أوشية الإنجيل وطرح المزمور دمجًا يقال الإنجيل من (لوقا 1: 39 - 56) ثم يردون بهذا المرد (تين تشيسى أممو....) والمرد الثابت.
3- ثم يقفون أما أيقونة غبريال الملاك وبعد الأوشية وطرح المزمور يقال الإنجيل من (لو 1: 26 - 38) ويردون بهذا الربع (غبريال بي انجيلوس).. والمرد الثابت..
4- يقفون أمام أيقونة ميخائيل رئيس الملائكة وبعد الأوشية وطرح المزمور دمجًا ويقرأ الإنجيل من (متى 13: 44-52) ثم يردون بهذا الربع (ميخائيل أب أرخون..) والمرد الثابت..
5- يقفون أمام أيقونة مار مرقس الإنجيلي وتقال الأوشية ويطرح المزمور دمجًا.. يقرأ الإنجيل من (لو 10: 1 - 12) ويرددون بهذا الربع (ماركوس بي ابوسطولوس) والمراد الثابت.
6- يقفون أمام أيقونة الرسل بعد الأوشية وطرح المزمور دمجًا يقرأ الإنجيل من (متى 10: 1 - 8) ويرون بهذا الربع (ايسوس بي اخرستوس..) والمراد الثابت..
7- يقفون أمام أيقونة الشهيد العظيم مار جرجس (أو أي شهيد آخر) وبعد الأوشية وطرح المزمور دمجًا يقرأ الإنجيل من (لوقا 21: 12 - 19) ويردون بهذا الربع (شاشف ان رومبى..) والمرد الثابت..
8- يقفون أمام أيقونة الأنبا انطونيوس واى قديس آخر.. وبعد الأوشية والمزمور يقرأ الإنجيل من (متى 16: 24 - 28). ويقولون هذا الربع (فول ايفول خين نى نين هيت..) والمراد الثابت.
9- يطوفون في الكنيسة متجهين إلى الغرب ويقفون أمام بابها البحري.. وبعد الأوشية والمزمور يقرأ الإنجيل من (لو 13: 22 - 30) ويردون بهذا الربع (اكشان أي خين تيك ماه اسنوتى) والمرد الثابت.
10-يسيرون إلى الغرب ويتوجهون إلى المغطس (أي موضوع اللقان) وبعد الأوشية والمزمور يقرأ الإنجيل من (متى 3: 13 - 17).. ويردون بهذا الربع (اف مثيرى انجى يؤانس) والمرد الثابت.
11-يسيرون إلى باب الكنيسة القبلي.. وبعد الأوشية والمزمور يقرأ الإنجيل من (متى 21: 1 - 11) ويردون بهذا الربع (ف ايت هيمس هيجين نشيروبيم) والمرد الثابت.
12-يقفون أمام أيقونة القديس يوحنا المعمدان سابق السيد المسيح.. وبعد الأوشية والمزمور يقرأ الإنجيل من (لوقا 7: 28 - 35) ويردون بهذا الربع (امبى واوت تونف هين نى جين ميس) والمرد الثابت.
و بعد انتهاء الدورة يقول الكاهن أوشية الإنجيل ويطرح المزمور قبطيًا ثم يقرأ الإنجيل قبطيًا وعربيًا (و هو إنجيل باكر الموجود في القطمارس katameooc) وفي نهايته يقول المرتلون مرد إنجيل باكر (اتفاش..) ثم يختمون الصلاة كالمعتاد ويقرأون القانون والميمر.
ه- قداس عيد أحد الشعانين:
تقال مزامير الثالثة والسادسة وبعد الابراكسيس يقال لحن الشعانين (افلوجى مينوس) ثم الأرباع آلاتية بالناقوس (في ان هيمس) وهى موجودة بكتاب خدمة الشماس قبطي ويلاحظ ان هناك أربعة أناجيل.. يقال قبل الأول والرابع أوشية الإنجيل يطرح المزمور الأول باللحن السنجاري ولكن المزمور الرابع (قبل الإنجيل الرابع) باللحن السنوي.. وهذه الأربعة أناجيل يقرأها قبطيًا البطريرك والمطران والأسقف وكبير الكهنة.. وبعد كل إنجيل يوجد مرد إنجيل خاص (انظر خدمة الشماس القبطي).. ويوجد اسبسمسينى ويكمل القداس إلى آخره ويقال المزمور 150 وبعده يقال ربع واحد بلحن الشعانين (اجى اف سمارؤوت) ثم تبدأ صلاة التجنيز العام دون أن تقال ثوك تى تى جوم.
و الغرض من عمل التجنيز العام في هذا اليوم هو خشية ان يموت أحد من الشعب في أسبوع الآلام فلا يجب رفع بخور إلا في يومي الخميس والسبت.. فهذا التجنيز في الأربعة أيام التي لا يجب رفع بخور فيها.. بل إذا انتقل أحد من الشعب يحضرون به إلى البيعة وتقرأ عليه الفصول التي تناسب التجنيز من غير رفع بخور.
و- ترتيب صلاة التجنيز العام:
عندما ينتهي الكاهن من صلاة القداس ويبدأ توزيع الأسرار المقدسة يقول الشعب المزمور 150 وأول ربع منه بلحن الشعانين وباقية دَمْجًا يتم الرسم الكنسي في هذا اليوم إلى ما بعد التوزيع بالحان الفرح لأنه عيد سيدي.. وبعد ذلك يعمل التجنيز العام.. وبعد أن يغسل الكاهن الأواني ويديه لا يعطى تسريحًا للشعب بل ينزل من الهيكل ويسدل عليه الستر ويبدأ في صلاة التجنيز العام وبدايته يقول مقدمة البولس بلحن التجنيز (أثفيتى أناستاسيس) ثم المقدمة المعتادة (بافلوس أفوك امبين شويس) ثم البولس نفسه (انظر كتاب خدمة الشماس قبطي).
ثم يقول الكاهن أوشية الإنجيل ثم يقرأ المزمور والإنجيل قبطيًا بلحن الحزن ثم يفسر عربيًا ويصلى الكاهن الثلاث أواشي الكبار: أوشية السلامة - أوشية الآباء - أوشية الاجتماعات... ثم يقولون قانون الأيمان ثم يقول الكاهن أوشية الراقدين.. وأبانا الذي في السموات.. ثم التحاليل الثلاثة وبعدها يرفع الكاهن الصليب ويقول بطريقة البصخة (افنوتى ناى نان) ويجاوبه الشعب (كيرياليسون) اثنتي عشرة دفعة على الصفين ويختم الكاهن بالبركة المستخدمة في جمعة الآلام ثم يصرف الشعب.. وأمرت الكنيسة أن تصلى صلاة التجنيز على إناء عادى به ماء ويرش منه على المصلين غير أن العامة لجهلهم السبب الذي لأجله تصلى الكنيسة على هذا الماء يظنون انه لتكريس السعف ويحدثون ضوضاء عظيمة والواقع انه لا يوجد في طقس الكنيسة نظام لتكريس السعف برشه بالماء إذ أن الماء الذي يرش هو كما ذكرناه ماء الجناز العام فحسب...!
و قد أوضحت بعض الكتب الطقسية انه يجب على كل الشعب المسيحي من رجال ونساء وشباب وشابات أن يحضر هذا التجنيز العام لإنذارهم بأن أسبوع الآلام لا يحصل فيه تجنيز أخر لأن هذا الأسبوع خاص بتذكار آلام رب المجد وموته.. وكذلك لأنه كابد فيه آلامًا مرة فقد رتبت الكنيسة ألا تشترك في حزن أخر غير حزنه.. وأيضا.. لأنها خصصت هذا الأسبوع لصرفه في الصلاة والتسبيح والصوم وهى حزينة على خطايانا مشتركة في آلام الرب وقائلة لبنيها على لسان بولس "لأن الحزن الذي بحسب مشيئة الله ينشئ توبة لخلاص بلا ندامة وأما حزن العالم فينشئ موتًا"... (2 كو 7: 10).