قيامة الرب ابتهجت نفوس التلاميذ والكنيسة كلها وستبقي موضوع فرحها
وتسبيحها لكن هذا
الفرح وتلك البهجة بالقيامة لن تنزع صورة الصليب بل تؤكدها
وتثبتها عبر الأجيال وإلي الأبد.
+ ولعل هذا ما دعي الكنيسة أن تطلق على عيد القيامة "عيد الفصح "
إذ تريد أن لا تنتزع صورة الذبح التي للحمل الحقيقي عن أذهان أولادها.
+ لهذا لا عجب إن رأينا الكنيسة في فجر عيد القيامة في فجر عيد
القيامة أو قل عيد الفصح تقيم القداس الإلهي ليأكل أولادها من جسد الرب المذبوح
ويشربون دمه المسفوك.. ففي عيد القيامة تمتعهم ببركات الصليب وتذوقهم من الحمل
الحقيقي.. لأن القيامة أكدت الذبيحة وكشفت عملها لنا نحن البشريون.
+هو عيد المصلوب وليس أخر.
+ هو عيد الفصح المذبوح الذي لا يزال دمه يطهرنا من كل خطية!
+ لذا أينما تحدث الكتاب عن القيامة ربطها بالصليب وعندما نعيد
بالقيامة إنما نعيش في أحضان المصلوب ونشرب من جراحاته المحيية.
+ أعزائي... إن الرب هو الذي سبق فأعد لنا أولًا هذا العيد وهو الذي
يتعطف بنا ويتحنن علينا بأن نعيد به عامًا بعد عام فقد أرسل ابنه للصليب من أجلنا
ووهبنا بهذا السبب العيد المقدس الذي يحمل في طياته كل عام شهادة بذلك إذ يتم
العيد كل عام في نفي الوقت (بنفس المناسبة) .
+ وهذا أيضًا ينقلنا من الصليب الذي قدم للعالم إلي ذاك الذي هو
موضوع أمامنا إذ منه ينشئ لنا الله فرحًا بالخلاص المجيد ويحصرنا إلي نفس الاجتماع
ويوحدنا في كل مكان بالروح راسمًا لنا صلوات عامة ونعمة عامة تحل علينا من العيد.
+ أخوتي.. إننا ننتقل هكذا من أعياد إلي أعياد ونصير من صلوات إلي
صلوات ونتقدم من أصوام إلي أصوام ونربط أيامًا مقدسة بأيام مقدسة.
+ لقد جاء مرة أخري الوقت الذي يجلبنا إلي بداية جديدة تعلن عن الفصح
المبارك الذي فيه قدم الرب ذبيحة إننا نأكله بكونه طعام الحياة ونتعطش إليه مبتهجة
نفوسنا به كل الأزمان كأنه يفيض بدمه الثمين.
+ إننا نشتاق إليه على الدوام شوقًا عظيمًا وقد نطق مخلصنا بهذه
الكلمات في حنو محبته موجهًا حديثًا إلي العطشى إذ يريد أن يروي كل عطشان إليه
قائلًا "إن عطش أحد فليأت إلي ليشرب "يو27:7 " ولا يقف الأمر عند
هذا الحد أنه إذا جاءه أحد يروي عطشه فحسب بل عندما يطلب إنسان يعطيه المخلص بفيض
زائد مجانًا لأن نعمة الوليمة لا يحدها زمن معين ولا تنقض عظمة بهائها بل هي
دائمًا قريبة تضيء أذهان المشتاقين إليها برغبة صادقة لأن في هذه الوليمة فضيلة
دائمة يتمتع بها ذوي العقول المستنيرة المتأملين في الكتاب المقدس نهارًا وليلًا
مثل الرجل الذي وهب نعمه كما جاء في المزامير "طوبى للرجل الذي لم يسلك في
مشورة المنافقين وفي طريق الخطاة لم يقف وفي مجلس المستهزئين لم يجلس لكن في ناموس
الرب يلهج نهارًا وليلًا "مز2، 1:1 " لأن مثل هذا لا تضئ له الشمس أو
القمر أو مجموعة الكواكب الأخرى بل يتلألأ ببهاء الله الذي فوق الكل.