مقدمة
ملامح من حياة الأنبا أنطونيوس (251-356)
ولد أنطونيوس حسب رواية
المؤرخ الكنسي سوزمين سنة 251م في كوما Coma
الآن "قمن العروس" قرب بوش - محافظة بني
سويف - (سوزمين تاريخ الكنيسة 1 : 13) - وقد سجل القديس اثناسيوس الكثير عن هذا
الرجل الذي وصفه بأنه "مؤسس الرهبنة" وانسان نال "الحكمة
الالهية" (حياة انطونيوس بقلم اثناسيوس: 72). ولم يتعلم انطونيوس علوم الدنيا،
بل لقد سجلت المصادر التاريخية الموثوق منها انه لم يكن يعرف القراءة والكتابة.
وقد أراد البعض أغاظته بأنه لا يعرف شيئاً عن الآداب والعلوم، فأجاب على هذه
الإغاظة بقوله "حسناً ماذا تقولون؟ أيهما سبق الآخر: العقل ام الحروف؟ وأيهما
هو السبب في وجود الآخر: العقل هو السبب في وجود الحروف أم الحروف هي السبب في
وجود العقل؟ وعندما اعترف هؤلاء بأن العقل هو السبب في وجود الحروف وان العقل هو
الذي اخترعها. أجاب انطونيوس "من له عقل صحيح ليس له احتياج إلى الحروف"
(حياة انطونيوس: 72 - سقراط، تاريخ الكنيسة 4 : 23). ولم يكن انطونيوس عاطل العقل
فقد سأله أحد الفلاسفة: "أيها الأب كيف يمكنك الصمود في هذه الحياة الصعبة
وأنت قد حُرمت من تعزيات الكتب؟" أجاب انطونيوس "ان كتابي ايها الفيلسوف
هو الكون ولذلك أنا استطيع أن أقرأ لغة الله في أي وقت أشاء" (سقراط 4 : 23).
وهذه الإجابة ليست بسيطة ولا تنم عن سذاجة وجهل وانما تؤكد أن المعرفة الروحية لا
تحتاج إلى علوم الفلسفة والطب والزراعة والصيدلة.. الخ. وانما تحتاج إلى القلب
والعقل اليقظ الذي يرغب في معرفة الله. وعندما يتحول الكون والطبيعة إلى كتاب يقرأ
فيه الإنسان لغة الله فإن هذا الإنسان لا يحيا في فراغ الجهل الذي خاف منه هذا
الفيلسوف وانما في ملء معرفة حكمة الله. ويكفي أن القديس اثناسيوس سجل هذه
الملاحظة الدقيقة عنه "لقد نال انطونيوس شهرة واسعة - ليس بسبب الحكمة
العالمية وليس بسبب فن أتقنه وإنما بسبب خدمته لله" (حياة أنطونيوس : 93).
لتحميل المقال كاملا اضغط هـــــــــــــــــــــــنا