فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعاً!. لو15: 17
كان يظن أن أسوار بيت أبيه تحد من حريته، بينما كانت تحميه.. كان يظن أن المال سيشبعه، بينما في الوقت الذي نفذ فيه المال وعانت الكورة البعيدة من المجاعة، كان الأُجراء في بيت أبيه يفضل عنهم الخبز!! "فرجع إلى نفسه" تذكر بيت أبيه ونعمه.. رتب كلمات التوبة وعاد في طريق بيته طالباً الغفران والقبول، ولو حتى كعبد وليس كابن! وبينما كانت رأسه منحنية إلى الأرض وخطوته ضيقة، إذا بنداء اسمه يرن في أذنه.. نعم هو صوت أبيه الذي إذ قد رآه تحنن ورقض منادياً ابنه في شوق ولهفة وحنان.. ها هو يجري فاتحاً أحضانه.. ففي الحال اتسعت خطوات الابن منادياً أبيه، فاتحاً ذراعيه ليرتمي في أحضان ابيه.. وهنا كانت أعظم صورة للتوبة.. لحظة الارتماء في أحضان الأب.. كلما رفع الابن رأسه، غالبته الدموع، فيعود ليخبئ عينيه في أحضان ابيه.. أما الأب فبكل رأفة وحب وبدون كلمة عتاب واحدة أو ملامة.. وهو آخذاً ابنه في حضنه، وبنظرة الفرح والحنان شاخصاً في وجه ابنه.. كان يأمر عبيده احضروا الحُلة الأولى والخاتم والحذاء واذبحوا العجل المسمن!
هذا ما ينتظرنا جميعاً يوم يرجع الإنسان إلى نفسه وإلى أحضان أبيه!
رجع إلى نفسه بعد أن ابتعد عنها، لأن الرجوع إلى الرب هو رجوع إلى النفس. فمن يبتعد عن المسيح يقاوم نفسه.